لماذا نحتاج أن نتبنى الطب المبني على فهم العلم ؟

Standard

  “Science is a way of thinking much more than it is a body of facts.”-  Carl Sagan 


بداية دعوني أعطيكم فكرة عن الطب المبني على البراهين “Evidence-based medicine” ؟

ظهر مصطلح EBM رسمياً عام ١٩٩٠ و –قبلها كان يستخدم مصطلحات اخرى– ظهوره كان ثوره علمية في عصر كان فيه القرار الطبي يتم اتخاذه استناداً على أمور غير منطقية مثل:

  • التجربة البحتة
  • أساطير القدماء السحرية
  • اعتقادات لا اساس واضح لها

– ضربة حظ بدون قدرة على التنبؤ بالنتائج كل مرة-

ما هي الأسس الثلاث التي اعتمدها الطب المبني على البراهين EBM ؟!

لا يكفي اتخاذ القرار بدون النظر لأفضل الأدلة العلمية فيه و تقييمها اضافة لأخذ دور الخبرة العملية و تجربة و قيم المريض في الحسبان.

و فيما يتعلق بالتعامل مع البراهين أعتمد الطب المبني على البراهين على الهرم التالي لتصنيف قوة الأبحاث وفق معايير معينة لا مجال للإطالة فيها هنا :

من أكثر الطرق البحثية انتشاراً و اعتماداً كان “randomized controlled trial RCT “ و التي يعود لها الفضل في الكثير من الأكتشافات الطبية الحالية

ما يهمنا هو عمل تجربة محكمة تضمن التأكد من فعالية علاج ما بشكل خاص , لأن أي طريقة حتى الزائفة قد تتداخل فيها العوامل الخاصة أو غير الخاصة فتعطي تأثيرًا وهمياً بأن علاج ما مميز عن غيره – و هذا أمر له تبعاته لهذا يجب التحقق منه قبل اعتماد أي علاج- .

عوامل قد تتداخل في الحصول على تأثير علاجي غير خاص :

قدرة الجسم على الأسشتفاء الذاتي , العلاج بالوهم .

specific effects VS non-specific effects 


لكن ما يحدث بأن بعض الدراسات و الأدلة العلمية المتربعة في الهرم قد تكون مظللة أو لا أساس واضح لها و هذا يبطل قوتها , فعلى سبيل المثال قد تجد دراسة مراجعة منهجية – systemic review – لأحد العلوم الزائفة فهنا لا يشفع للدراسة قوتها بقدر ما يهمنا الأساس المنطقي الذي قامت عليه و هو أمر لا يراعيه هذا الهرم – فبالرغم من انه من المفترض أن تقوم كل هذه الدراسات على أساس منطقي و واضح فللأسف تمكنت العلوم الزائفة من التسلسل و اخذ مكانها بينها  :

و من هنا ظهر : ” Science-Based Medicine “ كمكمل لبعض الثغرات التي ظهرت في الطب المبني على البراهين و ليبرز أهمية فهم منهجية التفكير العلمي في المجال الطبي.

كمنهج علمي اذا لم يتوافق اساس هذه النظرية مع العلوم الأساسية فلا يمكن أخذها لمستوى أعلى للدراسة , لأنه مهما كانت النتائج ما بني على باطل فهو باطل.

الفرق في ” SBM” انه وضح الحد متى نقرر ان هذه ” Fact “ حقيقة علمية لا داعي لاختبارها اكثر, و هذا ” pseudoscience “- علم زائف اختباره اكثر مضيعة للوقت و الجهد. فمن الثغرات التي اعتمدها ممارسي العلوم الزائفة هو المطالبة بالمزيد من الأدلة رغم ضعف الأساس و ظهور نتائج ضعيفة كل مرة يتم فيها أختبار ادعاءاتهم. و هي مطالبة غير منطقية , فهل يعقل بأن ندور في حلقة مفرغة نركض خلف سراب للأبد؟!

EBM معتمد على وجود/غياب برهان , بينما SBM معتمد على ظروف هذا البرهان ككل و الحزم فيما يتعلق ببذل المزيد من الوقت و الجهد في دراسته.

كما انه قد توجد ظروف المطالبة بدليل فيها مضرة و من غير الأخلاقي أن يعمل دراسات فيها حرصاً على سلامة المشاركين , و رغم بداهة هذه الفكرة الأ ان بعض ممارسي الطب الزائف يحاولون أستغلالها كثغرة في طلب دليل على شيئ مضر لمنعه. مثال :

هل من المنطقي أن نقوم بعمل دراسة RCT على مجموعتين للتأكد من أن القفز بدون مظلة قاتل ؟

-سؤال طرح فعلياً في أحد المجالات العلمية حيث بان و بوضوح الخلل في استخدام المنطق هنا-


و من هنا لابد أن نفهم العلم كمنهج يمنحنا طرق و معايير واضحة لتقييم المعلومات و الأدلة التي نتعامل معها بشكل يومي , و لهذا أحببت أن أعرفكم على بعض النقاط و المصطلحات المتعلقة بهذه المنهجية بشكل مختصر :

  • عندما توضع نظرية علمية فهي غالباً ليست مجرد حدس مستند على فراغ ،تفكير سحري أو خيالي فحسب، النظريات العلمية عادة تقوم استناداً على فهم منطقي بناء لما تراه من مشاهدات و اختبارات ، و بكل تأكيد منطق العلوم الأساسية. – Basic science  

– plausibility : هل هذه النظرية معقولة أو منطقية؟ عندها يخبرنا أحدهم أن شخصاً يستطيع بلمسة واحدة منه أن يشفي جميع أنواع السرطان فادعاء كهذا صعب التصديق و نفيه سهل جداً لاعتماده على Magical thinking – تفكير سحري خارق – لا حاجة لدراسة ادعاء كهذا للتحقق من صحته.

  • عندما تسمع كلمه “حقيقة – fact “ : هذا يعني بأن هذه معلومة اختبرت و شوهدت عدة مرات حتى وصلت لحد لا حاجه للمزيد من الاختبارات عليها

  • العلم الزائف “ pseudoscience “. : يمثل العكس ،معلومة اختبرت عدة مرات لدرجة لا حاجه لتضييع المزيد من الوقت و الجهد او المال عليها. – فهم طبيعية و خصائص العلوم الزائفة تسهل علينا التعامل معه-

  • Tooth Fairy Science : بعض العلاجات قد تصل لمرحلة الدراسة و التطبيق رغم ضعف تأثيرها أو أساسها العلمي , أي أنها قامت على العدم و مهما درست مالم يظهر أساس علمي معقول واضح لها فنتائجها غالباً لا تتعدى كونها تداخل عوامل أخرى أدت لظهور تأثير “يتوهم” انه خاص بها.
  • مصطلح ” faith – الإيمان “: يشير لاعتقادات تم قبولها بشكل مطلق بدون اَي اختبار لها ، و يعتقد بأنه لا مجال للشك فيها.

  • الاعتقاد – beliefs: ليس مصطلحاً مناسباً للإستخدام في العلم ، لان الأختبار و بناء المشاهدات وفق المنطق العلمي هي مهمة العلم اكثر من كونه مجرد اعتقادات .

  • طبيعيه العلم انه يصحح نفسه ذاتياً حتى لو اخذ هذا وقتاً من الزمن ، لهذا من الطبيعي ان يبدأ بتغيير نتائجه فيما يتعلق ببعض العلاجات التي قد تكون قد اعتمدت لقرون طويلة بعد أعاده اختبارها و ثبوت ان ضررها اكثر من نفعها .

  • لا مكان للإجابات المطلقة العمياء في العلم ، و لهذا يتم اتخاذ القرار و التوصل للإستنتاجات استناداً على اسس معينة قد تكون مباشرة او غير مباشرة.

  • مهما تم اختبار شيء معين ، لا يمكن التنبؤ ببعض الأمور المترتبة عليه احياناً خاصة على المدى البعيد ، ظهور هذه الأمور لا يعني الجهل بل يوضح طبيعيه العلم المتغيرة و الغير ثابتة و انه مهما ظننا اننا نعرف هناك دائماً شيء جديد ليظهر.

  • نتائج الدراسات يجب ان تفسر و بحذر من المختصين لأن هناك الكثير من الألغاز الخادعة التي قد تعطي غير المختص فهم خاطئ لهذه النتائج، مثلاً:”ظهور شيئين معاً لا يعني إنهما مرتبطين حقاً”

  • تكرار النتائج او الاعتقادات الخاطئة في الأعلام على سبيل المثال لا يضيف لمصداقيتها اَي شيء .

  • بعض المصطلحات قد تبدو علمية و تعطي انطباع ان معلومة ما صحيحة و هذا فخ يقع فيه الكثيرون

  • الدراسات على الحيوانات حتى لو أعطت معلومات مهمة لا تعمم مباشرة على البشر ، بعض المواد القاتلة للحيوانات لا تؤثر على البشر .

  • ٨٠٪ من الأمراض طبيعتها – self limiting– اَي انها قد تتحسن في كل الأحوال.

  • من المهم جداً أن نفهم لماذا بعض العلاجات الغير مثبت فعاليتها قد تعطي نتائج , هل هذا الشيئ جيد دائماً؟

  • لا يمكن الوثوق بالتجارب الشخصية او قصص القدماء لأسباب كثيرة منها كونهم يميلون للحديث عن قصص النجاح لعلاجهم و يتجاهلون قصص الفشل مما يعطي انطباع غير حقيقي عن فعاليته.
  • تعقيد طبيعية الإنسان اكبر مما نتصور و لهذا في العلوم الطبية نسبة ظهور المفأجات اكبر. الجينات ، الثقافات ، التغذية ، نمط الحياة و كل ما يشكلنا أمور يجب ان تؤخذ بالحسبان عند اتخاذ القرار و موزانة النفع مقابل الضرر للشخص.
  • – As H.L. Mencken once said, “Every complex problem has a solution that is simple, direct, plausible, and wrong.” الحلول اللي تقرأها مباشره جداً شك في أمرها خاصه انك تتعامل مع الأنسان المعقد جداً ..


One thought on “لماذا نحتاج أن نتبنى الطب المبني على فهم العلم ؟

اترك رد