التصلب اللويحي ؛ أبرز الأعراض ودور العلاج الطبيعي

Standard

تحدثنا الإسبوع الماضي عن التصلب اللويحي في مقدمة عامة عن المرض ، أنواعه وطرق علاجه , واليوم نستكمل الحديث عن أبرز الأعراض والمشاكل المصاحبه له وهي: (الإجهاد ، التشنجات ، ضعف العضلات ، الرعشة وفقدان التوازن) ودور العلاج الطبيعي في علاجها . وكما قلنا لايتشابه المرضى في الأعراض نظرا لإختلاف المنطقة المصابه لذا لابد أولا من التقييم الشامل لمعرفة الطريقة الأمثل للتعامل مع الأعراض من جميع الجوانب الوظيفية والجسدية و حتى النفسية .

إعداد المحتوى : عبدالله الشمري

 

الإجهاد

ليس من المستغرب أن يكون الإجهاد و التعب من أبرز الأعراض التي يعاني منها مرضى التصلب اللويحي لإرتباطه بالعديد من المسببات والتي منها إضطرابات النوم عند المريض بسبب الأعراض .

و الإجهاد هنا يكون بصورة متقطعة ، فقد يمشي المريض لمسافة معينة تختلف من مريض لغيره ثم يبدأ بالإحساس بثقل في القدم وصعوبة في المشي بسبب الإجهاد ، وظهور الإجهاد هنا كما أشرنا يختلف من شخص لغيره ، و المفتاح الأساسي للعلاج لايكون باللجوء إلى الراحة بالكامل و عدم القيام بأي نشاط و لا أن يدفع المريض بنفسه متجاهل التعب ، إنما يكون ببناء لياقة المريض ليكون قادر على ممارسة الأنشطة اليومية بصورة طبيعية مع معرفة كيفية التعامل الصحيح مع الإجهاد وهنا يكون دور إخصائي العلاج الطبيعي .

لابد من فحص و تشخيص المريض خاصة كون الأعراض متقلبة فمن الضروري تقييم المريض بإستمرار وتقديم النصيحة المستمرة حول كيفية التعامل الأمثل مع الإجهاد وموازنة الأنشطة اليومية والجدير بالذكر هنا أن التمارين الهوائية ذات الجهد المنخفض إلى المتوسط لها تأثير إيجابي على الإجهاد و تحسن من اللياقة العامة عند المريض وكذلك النشاط البدني يمكن أن يساعد في مقاومة التعب و الإجهاد عند مرضى التصلب المتعدد ولكن من الضروري أن يتم وصف النوع المناسب و مدة النشاط المناسبة للفرد ، لذا عند وصف تمارين معينة لابد من مراعاة هذا الجانب ، ويجب هنا على المريض أن يأخذ الوقت الكافي للراحة و عدم الدفع بنفسه و إكمال التمرين أو النشاط الذي يقوم به عند الشعور بالتعب لأن هذا قد ينعكس على المريض بشكل سلبي ويزيد من حدة التعب . أيضا قد تزيد حدة التعب في الأجواء الحارة فيجب على إخصائي العلاج الطبيعي مراعاة هذا الجانب ، وقد تكون التمارين المائية خيارا مناسب أن أمكن القيام بها فهي تزيد من مدة التمرين والعلاج وتأخر من ظهور التعب و الإجهاد على المريض .

وهنا بعض النصائح التي من الممكن أن يقدمها الإخصائي للتعامل مع الإجهاد :

  1. الموازنة بين الراحة والتمارين أو الأنشطة اليومية مع أخذ الوقت الكافي للراحة عند الشعور بالإجهاد ، التخطيط السليم لدمج الراحة مع الأنشطة يحسن من اللياقة العامة ويزيد من الإنتاجية و الحالة النفسية عند الشخص .
  2. تقسيم الأعمال الصعبة و المتطلبة لمجهود عالي و الأعمال الخفيفة خلال اليوم وعدم محاولة إنجاز كل شي في وقت واحد .
  3. عدم الإستعجال و التسرع في القيام بنشاط معين ، خذ الوقت الكافي للراحة .
  4. التكيف ومحاولة تقسيم الأعمال الصعبة الى سلسلة من الأعمال البسيطة ليسهل القيام بها .
  5. حدد الأوليات و الأعمال المهمة للقيام بها و عدم الإحباط عند العجز عن إنجاز عمل ما بسبب التعب و الإرهاق .

علاج الإجهاد يكون ببناء لياقة المريض بشكل متدرج ، لذا البرنامج العلاجي يجب أن يحتوي على تمارين هوائية خفيفة إلى متوسطة الشدة للزيادة من لياقة المريض وتحسين القدرة الوظيفية عند المريض مع أخذ الوقت الكافي للراحة عند الشعور بالتعب .


التشنجات 

تحدث التشنجات عندما يصاب الغشاء المحيط بالأعصاب المسؤولة عن التوتر العضلي (muscle tone) وتنتشر هذه الخلايا في المخ والحبل الشوكي لذا تعتبر التشنجات من المشاكل الشائعة عند مرضى التصلب اللويحي وتختلف درجاته من البسيطة إلى الشديدة بإختلاف شدة الإصابة ، وتحدث التشنجات في الغالب في مجموعة محددة من العضلات وهي العضلات المسؤولة عن الوضع القائم للجسم ( عضلات الساق،الفخذ،الأرداف وأحيانا عضلات الظهر) ، لذا وجود هذه التشنجات يزيد من الطاقة المبذولة للحفاظ على الوقوف أو القيام بنشاط معين ويزيد من التعب والإجهاد عند المريض ، والجانب الدوائي هنا مهم للتخفيف من شدة التشنجات وغالبية مرضى التصلب اللويحي يُصرف لهم دواء باكلوفين وهو دواء مضاد للتشنجات ومرخ للعضلات يعمل على الجهاز العصبي المركزي .

و للعلاج الطبيعي ايضا دور في التخفيف من هذه الأعراض عن طريق تمارين الإطالة والتي بدورها تقلل من الإجهاد الذي يحدث نتيجة التشنجات وتحسن من الحركة عند المريض ، وهنا حديث بالتفصيل عن كيفية التعامل مع التشنجات :

اولا: لابد من التعامل مع المشاكل المصاحبة للتشنجات مثل الألم والذي يزيد من شدة التشنجات أو الشعور بعدم الراحة في أي مكان بالجسم أو التعب والإجهاد أو تهيج الجلد أو حتى الإلتهابات التي تحدث بسبب الهجمات كلها قد تزيد من حدة التشنجات لذا يجب التعامل معها أولا قبل الأنتقال للتمارين.

ثانيا : تصميم برنامج علاجي مرتكز على تمارين الإطالة يكون مناسب للمريض ، كما قلنا كل مريض يختلف عن الآخر من حيث الأعراض وشدتها لذا كل مريض يجب أن يقيم على حدة ويجب التركيز على وضعية المريض فقد تزيد التشنجات في عضلات معينة وتخف في أخرى على حسب وضعية المريض . وأبسط طريقة وأفضلها هي أن يقوم الإخصائي أو المريض بإستخدام بعض الأدوات المساعدة مثل الشريط المطاطي أو منشفة بتحريك كل مفصل إلى المدى الذي تكون فيه جميع العضلات مشدودة أو مُطالة والثبات لمدة دقيقة ثم الراحة بعد ذلك ، ويكون البدء في مفصل الكاحل ثم صعودا لبقية المفاصل المتأثرة ، وكلما قام المريض بنفسه بالإطالة كانت النتيجة أفضل .

هنا يجب التشديد مجدداً على عدم الدفع بالمريض إذا أحس بالإجهاد والتعب ، يجب الراحة والتدرج في التمارين بدءًا تمارين اللياقة حتى تمارين الإطالة والتقوية .

وهنا بعض التمارين الممكن من الإخصائي القيام بها للمريض :

 

وهنا بعض التمارين الممكن من المريض القيام بها بشكل مستقل :


 

ضعف العضلات 

يحدث الضعف في مجموعة من العضلات عند مرضى التصلب اللويحي بسبب مشكلة في إنتقال النبضة العصبية نتيجة فقدان الغشاء المايليني من الأعصاب في المخ او الحبل الشوكي إلى العضلات ، لذا معرفة أن سبب الضعف ليس من العضلة بل من العصب المغذي للعضلة يعطينا تصور عن ماهية المشكلة ، لذلك التمارين التي يستخدم فيها المريض أوزاناً لا تفيد العضلة ولاتزيد من قوتها بل على العكس تزيد من ضعف العضلة بسبب الإجهاد الناتج من التمارين .

وبسبب أن العضلة لايحدث لها تحفيز من العصب ينتج الضعف وهو مغاير للضعف الحاصل بسبب عدم إستخدام العضلة كما في حالات إستخدام الجبائر بعد الكسور، فالعضلة ضعيفة بسبب عدم القدرة على الإنقباض بشكل فعال على عكس الضعف الحاصل بسبب عدم الإستخدام والذي يكون بسبب عدم قوة الإنقباض . فالأولى المشكلة عصبية و الثانية عضلية .

وهنا يأتي دور إخصائي العلاج الطبيعي لتصميم و وصف البرنامج العلاجي المتكامل و المناسب للمريض ، فعلاج الضعف لايكون بمعزل عن بقية الأعراض كالإجهاد والتشنجات وغيرها . فكيف يكون هذا البرنامج وماهي أهم النقاط التي يجب مراعاتها ؟

  • لايجب علاج الضعف والتعامل معه كما يتم التعامل مع الضعف في الحالات الإعتيادية مثل ضعف العضلات بعد إزالة الجبيرة في حالات الكسور أو غيرها .
  • فالخطة العلاجية لا تكون مصممة لهدف تقوية العضلات فهذا لن يحدث ، بل يجب أن تكون لتجنب الضعف ، وأساس هذه الخطة يكون كفاءة العضلة .

يجب على المريض إستخدام العضلة بالشكل الكافي واللازم للقيام بالأنشطة اليومية ، و تحريك العضلة بإستمرار و تجنب الأوزان لأنها تؤدي إلى الإجهاد ، فالعضلة تزداد قوة بإزدياد كفاءتها لذا قد تزداد قوة بسبب تمارين الإطالة المستخدمة للتشنجات وقد تزيد قوة العضلة بسبب التمارين الهوائية المستخدمة لزيادة لياقة المريض و التقليل من الإجهاد ، فالمبدأ الأساسي هنا هو الكفاءة وتجنب الإجهاد وهي نقطة مهمة يجب على الإخصائي مراعاتها عند وضع الخطة العلاجية ، فالتمارين العلاجية مهمة وهي و أساس العلاج والتحسن عند المريض لكن إستخدام التمرين الخاطئ من دون الإلمام بالحالة و مسبباته قد يسبب الإنتكاس للمريض .

بإختصار : كلما إستخدم المريض العضلة بشكل فعال يمكنه من ممارسة حياته بشكل طبيعي وزادت قوة العضلة ، لذا يجب أن تكون التمارين بسيطة وغير مجهدة وصعبة على المريض .


  • الرعشة وفقدان التوازن :

يكون فقدان التوازن عند مرضى التصلب لأسباب كثيرة و أبرزها هي الرجفة او الرعشة ، وهي حركة متذبذبة في الأطراف وأحيانا في الرأس ، وأشكال ظهور الرعشة تختلف فأحيانا تكون بشكل واضح واحيان بشكل خفيف لايمكن ملاحظته ، قد تكون سريعة أو بطيئة قد تظهر أثناء الراحة وقد تكون أثناء الحركة. فالتشخيص هنا ضروري للتأكد من نمط الرعشة وكيفية ظهورها وتأثيرها المباشر على التوازن عند المريض .

فالتوازن ضروري لأداء الحركات المنسقة ،إبتداء من الإسلتلقاء فالجلوس ثم الوقوف . وهي وظيفة للعديد من المراكز العصبية وأهمها هو المخيخ ، أيضا العيون والأذنين والأطراف تساعد في تحقيق التوازن عند المريض ، فأي مشاكل في هذه المناطق يسبب لنا مشاكل في التوازن ، لاتوجد أدوية تحسن من التوازن ويمكن الإعتماد عليها لذا يرتكز العلاج على التمارين للتحسين من التوازن وليس الرعشة وهنا يكون دور العلاج الطبيعي .

ومن الطرق المستخدمة في التمارين هي تدريب المريض على تكرار نمط حركي أساسي حتى يكسب المريض القدرة على القيام بهذا النمط بشكل تلقائي ثم إستخدامه في حياته اليومية بشكل فعال وهذه الطريقة تعتمد على نظرية أن العضلات يمكن تدريبها حتى تكتسب الحركة بشكل تلقائي ، وعلى الإخصائي في البداية توجيه المريض ومساعدته لإكتساب الحركة وتعلمها بالشكل الصحيح من دون إضافة أي مقاومة حتى تكتسب العضلات والمريض اللياقة الكافية والقدرة على القيام بهذا النمط بشكل تلقائي ثم يكون بعد ذلك تعليم المريض لإستخدام هذا النمط و دمجه في حياته خلال ممارسته للأنشطة اليومية .

أيضا يمكن تحفيز الجهاز الدهليزي ( الجهاز المسؤول عن الإحساس بالتوازن ) عن طريق إستخدام الكرة المطاطية أو الوقوف على الأسطح غير المستوية لتحسين عمل مراكز التحكم بالتوازن بالمخ وأيضا يكتسب المريض الثقة للمارسة الحياة اليومية ، و هنا بعض التمارين الممكن إستخدامها :

 

يمكن علاج الرعشة والتي تحدث بسبب إصابة المخيخ وتسبب مشاكل نفسية على المريض مثل الإكتئاب والقلق وتزيد من تفاقم المشكلة بإستخدام بعض الأدوية ذات التأثير المهدئ ، وللإستزادة حول الأدوية المستخدمة وتأثيراتها راجع (الفصل السادس صفحة 51-53) .


أخيرا ؛ تختلف الأعراض وتتباين في شدتها بإختلاف المنطقة المصابة والعلاج الناجح يكون في التشخيص الصحيح ثم بناء خطة علاجية متكاملة ولايجب الإعتماد على جانب من جوانب العلاج سواء كان العلاج الطبيعي أو الدوائي أو النفسي و إهمال الآخر .


 

المصادر:

.Schapiro, R. T. (2010). Managing the Symptoms of Multiple Sclerosis: Fifth Edition

لتحميل الكتاب من هنا

2 thoughts on “التصلب اللويحي ؛ أبرز الأعراض ودور العلاج الطبيعي

  1. Masoud Khalil

    السلام عليكم ..الدكتور الفاضل لو تكرمت انا باحت في هدا المجال وتنقصني بعض المراجع لو بالامكان تزويدي ببعض المراجع وحبدا لو تكون من مؤلفين عرب .. وان لم يتوفر مؤلفين عرب ممكن مؤلفين من جامعات امريكية او اوروبية ..ولك كل الاحترام

  2. اشرف

    اصرح د خالد عمارة استاذ جراحه العظام ومن أحسن جراحى تشوهات العظام أن لجزع المزمن للكاحل هو الجزع الذي لا يتحسن رغم الراحة و العلاج لفترة تزيد عن 3 الى 6 اشهر
    و اظهرت الابحاث ان هذه الحالات تستجيب بنسبة نجاح عالية بجراحة المنظار و هو ما يسمى المراحل الأربعة four-step approach
    و هذه الجزئيات هي 3 خطوات يتم عملهم في جراحة المنظار ثم راحة لمدة 21 يوم بعد الجراحة

اترك رد