منظومة وماهيّة علامات الخطر – The Flag System

Standard

 

ماهي علامات الخطراو (The Flag System)؟

هي علامات وأعراض تنبه الإخصائي باحتمالية وجود حالة خطيره تستدعي التنبه والعناية الطبية العاجلة عند ظهورها أو اكتشافها في تاريخ المريض المرضي. وهي مقسمة بشكل أساسي إلى علامات سريرية وعلامات نفسية اجتماعية، وبشكل تفصيلي مقسمة إلى خمس ألوان (احمر، برتقالي، أصفر، أزرق وأسود)

 

كتابة : عبدالله الشمري

التصميم : وليد الطويهر


أولا: العلامات الإكلينيكية :

وهي الأشهر في المجال الصحي وعلى سبيل الاختصاص؛ العلامات الحمراء للجهاز الهيكلي العضلي وهي مؤشر لوجود حالة مرضية خطيرة مثل الأمراض الالتهابية أو العصبية، إصابات او اضطرابات الجهاز الهيكلي العضلي، مشاكل في الدورة الدموية، الاشتباه بوجود عدوى، الأورام السرطانية أو الأمراض الجهازية. أيضا علامات خطر مثل:

  •  عمر المريض أكبر من ٥٥ عام
  • تاريخ مرضي للسرطان
  • خسارة مفاجئة وشديدة للوزن (خسارة ٥٪ من وزن المريض خلال اربع أسابيع مؤشر خطر) 
  • ألم مستمر وثابت في شدته لمدة ٢٤ ساعة
  • الم في منطقة الصدر او البطن

جميع هذه الحالات تتطلب إجراء مزيد من الفحوصات العاجلة للتأكد قبل الاستمرار في العلاج الطبيعي وفي بعض الحالات تحتاج للإحالة الجراحية. لذا عند اكتشافها من قبل إخصائي العلاج الطبيعي يجب تحويل المريض للطوارئ لاتخاذ الإجراءات والفحوصات والعناية اللازمة وعدم البت والاستمرار في العلاج الطبيعي قبل التأكد من سلامات المريض. بالتالي دورك كإخصائي علاج طبيعي عند رويتك للمريض في اول لقاء هو استبعاد علامات الخطر والتأكد من سلامة المريض منها قبل البت في العلاج الطبيعي. 

*ملاحظة شخصية: لا يمكن تعميم علامات الخطر لجميع الحالات وجميع المرضى لتنوعها واختلافها، فالمريض المسن يختلف عن الطفل ويختلف عن البالغ، وادراكها جميعا اشبه بالمستحيل، لذا كإخصائي علاج طبيعي من الأفضل معرفة أشهرها وهي علامات الخطر لآلام أسفل الظهر وهي الأهم لأنها تتشابه كثيرا مع الالام العضلية وقد تؤدي لتشخيص خاطئ ومضاعفات خطيرة على المريض، ايضا علامات الخطر لآلام الرقبة ولإصابات الحبل الشوكي.

 


العلامات النفسية والاجتماعية:

من خلال بعض العلامات النفسية والاجتماعية يستطيع الإخصائي تحديد جوانب مهمة في إطار حياته وسياقه الاجتماعي، وكيف تؤثر هذه العوامل على عملية التعافي والعودة إلى العمل وممارسة حياته الطبيعية. 

نبذة عن العلامات النفسية والاجتماعية: تم تقديم هذا المفهوم في عام 1997 من قبل بعض الباحثين عن طريق البحث عن عوامل خطر نفسية او اجتماعية والتي ساعدت في تحديد المرضى الذين كانوا عرضة لخطر الإصابة بإعاقة مزمنة، ولم يتعافوا كما كان متوقعًا لحالتهم.

ليس الغرض من البحث عن هذه العوامل تحديد مرض او اعراض بعينها، إنما من خلال النظر للمريض وفحصة من منظور نفسي اجتماعي نستطيع التنبؤ ما إذا كان المريض معرض للإصابة بإعاقة مزمنة ام لا، وأيضا التنبؤ بمعوقات التشافي بالكامل لدى المريض، ينبغي النظر للمريض من خلال هذا المنظور (biopsychosocial model) وتحديد العوامل النفسية الاجتماعية والتي تؤثر على نشاط المريض وقدرته على العمل قبل البت في وضع الخطة العلاجية.


اذا ماهي هذه العلامات وماذا يمثل كل لون! 

تم تقسيم العلامات او الاعراض النفسية الاجتماعية على مدار السنوات لتغطي الجزء الأكبر من العوامل المؤثرة على قدرة المريض للتعافي. تم تقسيمها إلى ألوان كما ذكرنا في البداية ولكل منها دلالة، فلو قلنا ان العلامات الحمراء ( red flags ) علامات و أعراض جسدية فبقية الألوان تمثل العلامات النفسية و الاجتماعية. 

وهنا تقسيمها بشكل مختصر وسيتم النظر والتطرق لها على حدة:

اللون طبيعة الأعراض أمثلة على الأعراض
الأحمر أعراض مرضية متلازمة ذيل الحصان (Cauda equina) ، الكسر ، أورام سرطانية ، الألم الليلي المتواصل ، فقدان الوزن المفاجئ ، سلس البول والأمعاء ، تاريخ سابق للسرطان ، خدران في منطقة ما بين الفخذين
الأصفر معتقدات المريض وسلوكياته ونظرة الناس عنه معتقدات مثل أن الألم لا يمكن السيطرة عليه او مستمر بالتفاقم، توقع نتائج سيئة للعلاج او تأخر في العودة للعمل  
ردود فعل عاطفية قلق، مخاوف، توجس من نظرة الناس عن معاناته النفسية من الألم 
ماهية الألم وتعامل المريض معه تجنب بعض الأنشطة الخوف رجوع الألم او الإصابة، الاعتماد المفرط على العلاجات السلبية كالأدوية
البرتقالي أعراض نفسية الاكتئاب السريري، اضطرابات الشخصية
الأزرق فهم وأدراك المريض حول العلاقة ما بين العمل والصحة الاعتقاد بأن طبيعة العمل شاقة وتسبب المزيد من الالام، والاعتقاد كذلك بان بيئة العمل وزملاء العمل لا يبالون بالمريض وكيف يشعر
الأسود مشاكل وتشريعات نظامية تأثر على المريض مشاكل فيما يتعلق بالحصول على إجازة مرضية على سبيل المثال، تكاليف العلاج ومشاكل في التأمين إذا كان العلاج غير مجاني.

ما ذكر في الجدول مختصر مفيد وهنا نظرة عن كثب على التقسيمات:

العلامات الصفراء:

تشمل العلامات الصفراء العديد من جوانب معتقدات المريض وسلوكياته وهنا امثله أكثر عنها:

  • المبالغة في التفكير وتضخيم المشكلة وتوقع الأسود دائما.
  • وصف الألم بأنه لا يطاق وتضخيم الشعور فيه بالمقارنة بتشخيص المريض وحالته.
  • وجود تصورات خاطئة ومسبقة عن الألم والنشاط مثل: عودتي للعمل تعني زيادة الألم!
  • الأفراط في التفكير بصحته والقلق الشديد.
  • الخوف من الحركة وعودة الإصابة.
  • التوجس من المستقبل.
  • توقع ان حل مشكلته في يد الغير والاعتماد والاتكال على علاجات السلبية، زيارات كثيره لأكثر من طبيب للحصول على نصائح ومساعدة مع عدم التحسن.

العلامات الزرقاء:

يمكن النظر للعلامات الزرقاء من منظور العمل والمريض، عمل الموظف المريض يشغل جزء كبير من تفكيره بالتالي تتشكل مفاهيم خاطئة حول العمل وصحته بناء على تجاربه الشخصية او من بيئة العمل وزملاء العمل. امثلة على العلامات الزرقاء:

  • مخاوف ما إذا كان المريض قادر على القيام بمهامه الوظيفية على أكمل وجه.
  • نقص في الرضاء الوظيفي.
  • فقدان الدعم النفسي والمساندة من زملاء العمل.
  • اعتقاد أن وظيفته الحالية مرهقة ومجهدة.
  • تقديم التنازلات في بيئة العمل والمطالبة في توفير خيارات أخرى قد لا يرغب بها المريض لكن من أجل العودة للعمل يطالب بها.
  • عدم التفهم والتواصل الفعال ما بين الموظف وجهة عمله.

العلامات السوداء:

يوجد خلط ما بينها وبين العلامات الزرقاء لكن يمكن تميزها بشكل أساسي كونها علامات ليس للمريض علاقة مباشر معها، من الأمثلة عليها:

  • سوء فهم لحالة المريض الموظف داخل بيئة العمل. على سبيل المثال قد يعتقد زملاء العمل ان المريض يبالغ في وصف ألمه!
  • مشاكل مالية.
  • أصدقاء او افراد من عائلة المريض لديهم اعتقادات خاطئة وسوء فهم وتقدير لحالة المريض.
  • العزلة الاجتماعية.

مثل هذه التشريعات وسط بيئة العمل تساهم في تفاقم حالة المريض المرضية بسبب الضغوطات عليه وغالبا تكون أسباب ظهور هذه الضغوطات احدى امرين: الأول عدم وجود تشريعات وتنظيمات واضحة فيما يتعلق بالإجازات المرضية او عدم وجود تسهيلات للمريض داخل بيئة العمل مع صرامة الإدارة فيما يخص الالام العضلية وحاجة المريض للتأهيل داخل وخارج بيئة العمل مما يخلط بيئة متناقضة في حياة المريض ولا تساعد على عودة المريض لحياته السابقة وتأهيله بشكل كامل مما يؤدي لتطور الحالة من إصابة بسيطة إلى إصابة مزمنة.

 


طريقة التشخيص:

نأتي للسؤال الأهم والذي قد يتبادر لذهن الكثير عند الوصول لهذه النقطة!

كون مثل هذه الأعراض تصنف على أنها أعراض نفسية وتندرج تحت اختصاص الطب النفسي، كيف لك كإخصائي علاج طبيعي تشخيص مثل هذه العلامات والتعامل معها؟

ينبغي الإشارة هنا أن الكثير من الأبحاث والتوصيات ركزت في الآونة الاخيرة على النظر والتعامل مع المريض من منظور نفسي اجتماعي (biopsychosocial model) مع ضرورة اتخاذ نهج متدرج في التشخيص لمثل هذه المشاكل الشائعة وكيفية التعامل معها، تبدأ العوامل النفسية بالظهور والتأثير على المريض ما بين الأسبوع الثاني إلى السادس ويمكن للتشخيص أن يبدأ من هذه المرحلة.

ما المقصود في إتخاذ نهج متدرج في التشخيص؟

بدئ التشخيص في اخذ التاريخ المرضي للمريض وعدم إغفال أي جانب في هذا الجانب لما فيه من أهمية لمعرفة المريض وحياته ثم الفحص الجسدي لحالة المريض كما هو المعتاد، كيف يكون هذا النهج متدرج؟ في تكرار الفحص واستخدام بعض الوسائل خلال دورة العلاج والتشخيص والاستبيانات التي سيتم ذكرها والتطرق لها تاليا للمساعدة في ملاحظة ظهور مثل العلامات ومنع تحول حالة المريض الى حالة مزمنة يصعب التعامل معها. 

كما تم ذكره آنفا، بعض هذه العلامات لها علاقة في حياة المريض الوظيفية وبيئة العمل وبعضها مرتبط في وضعه المالي او حتى حياته الشخصية مع العائلة.

ينبغي الإشارة هنا أن بعض هذه الأسئلة قد تسبب نفور المريض من الاخصائي لذا ينبغي التدرج فيها مع معرفة نقاط أساسية تعطي الإخصائي تصور عن المريض مثل سؤاله عن وظيفته الحالية او متزوج او أعزب، لإخذ تصور عن حياة المريض وبعض المشاكل التي قد يواجها.

الملاحظة، ينبغي ملاحظة سلوك المريض من اول لقاء، هل يتحدث عن عمله والصعوبات التي يواجهها للرجوع للعمل او لا، هل يتحدث عن معاناته مع اطفاله او زوجه او داخل عائلته او لا، جميع عذع الدلالات تعطي الإخصائي تصور عن المشاكل النفسية التي يواجها المريض من دون سؤاله بشكل مباشر ثم بعد كسب المريض يكون التدرج في معرفة حالته النفسية عن كثب.

اسأل أسئلة مفتاحية!

ما هو برأيك سبب مشكلتك، ماذا تتوقع يحدث قد يحدث لك تاليا، كيف تتعامل وتتكيف مع المشكلة، هل تسبب لك احباط وقلق، متى برأيك تكون قادر على العودة للعمل او ممارسة حياتك بشكل طبيعي، ما الممكن عمله داخل بيئة عملك ليساعدك على التحسن؟

جميع هذا الأسئلة تعطيك تصور كامل عن حياة المريض والمشاكل النفسية الممكن حدوثها له، 

كما قلنا سابقا مثل هذه المشاكل تبدأ في الظهور من الأسبوع الثاني للسادس لذا ينبغي التدرج في طرح مثل هذه الأسئلة خلال دورة العلاج الكاملة.

إستخدام بعض الاستبيانات التشخيصية.

 يوجد بعض الاستبيانات باللغة الإنجليزية تساعد في التشخيص في هذا الجانب، ينبغي الإشارة انها غير متوفرة باللغة العربية لكن لا ضير من الاطلاع عليها واستخدامها مع المريض إن أمكن.

استبيان (ALBPSQ): وهو مخصص لألم الظهر ويوجد فيه اقسام عن التعامل مع الألم ومستوى القلق عن المريض وبعض الأسئلة المتعلقة في العمل ومستوى النشاط.

إستبيان (ÖMPQ): هذه الاستبيان لقياس خوف المريض من الأنشطة، الخوف من الحركة والكفاءة الحركية الذاتية.

مثل هذه الاستبيانات عامل مساعد في التشخيص ولا ينبغي الاعتماد عليها بالكامل. 

مقابلة المريض.

عند اكتشافك لبعض هذا العلامات باختلاف نوعها ينبغي اجراء مقابلة مع المريض للتأكد منها واخذ معلومات أكثر عما وجد، هذه المقابلة والاسئلة المطروحة تم وضع اختصار لها للمساعدة على تذكرها (ABCDEFW) وهي تشير إلى الآتي:

  • اعتقادات المريض موقفه (Attitudes/Beliefs): ما اعتقاد المريض حول مسبب المرض وما هو موقفه تجاه المشكلة والألم هل هو إيجابي او سلبي.
  • سلوك المريض (Behaviour): هل غير المريض من سلوكه تجاه؟ هل غير من سلوكه الحركي بسبب الألم؟ هذه العلامات مؤشر لخوف المريض من الألم (fear-avoidance).
  • التعويضات (Compensation): هل للمريض مطالب ماليه او غير ماليه كالإجازات بسبب حالته وهل إن وجد عند المريض تضع عليه ضغط نفسي عليه!
  • التشخيص والعلاج (Diagnosis/Treatment): هل اللغة من الإخصائي او غيره كان لها تأثير على المريض والألم؟ هل تلقى علاج سابق عن نفس الألم مع تشاخيص مختلفة ومتضاربة مع من قبل، هذا الامر قد يسبب للمريض تأثير سلبي للمبالغة المفرطة بالتفكير وتفاقم حالته.
  • المشاعر (Emotions): هل يعاني المريض من أي مشاكل عاطفية في حياته والتي من الممكن أن تؤدي إلى زيادة احتمال تحول الألم للمزمن؟
  • العائلة (Family): كيف تتفاعل عائلة المريض مع حالته، هل يعاني من نقص في الدعم او إفراط بالدعم! كل الأمرين قد ينعكس بالسلب على المريض وكيفية فهمه للألم.
  • العمل (Work): هل انقطع عن العمل بسبب الألم، هل يوجد احتمال بأن يعاني ماليا بسبب ذلك، ما رأي المريض حول بيئة العمل.

هنا بعض التوصيات من قبل باحثين في هذا الشأن عما يخص بيئة العمل للمريض، سبع نقاط أساسية يجب سؤال المريض عنها وهي كالاتي:

  1. عبئ جسدي بسبب العمل: هل المريض يعتقد ان الجهد الجسدي الذي يبذله في عمله قد يكون عائق عن تعافيه وعودته للعمل؟
  2. عدم قدرة المريض على تكيف عمله مع حالته الحالية: هل يستطيع المريض تغير من أسلوب العمل لوضع مريح بشكل أكثر ليتمكن من العودة بشكل أسرع؟
  3. عبئ نفسي: هل يعتقد المريض بوجود عبئ نفسي عند عودته للعمل؟
  4. عدم وجود دعم نفسي في بيئة العمل: ما رأي المريض عن زملاء عمله فور رجوعه للعمل
  5. الرضا الوظيفي: يمكن معرفة رضا المريض عن وضعه الوظيفي عن طريق سؤاله ” هل توصي بعملك الحالي لشخص آخر” 
  6. توقعات سلبية بأنه غير قادر على التعافي بشكل كامل والعودة للعمل، هل المريض قلق بأن عودته للعمل غير ممكنه بسبب وضعه الحالي.
  7. الخوف من عودة الإصابة: هل المريض متوجس من عودة إصابته فور رجوعه للعمل؟

رؤية بيئة العمل قد تساعد الإخصائي في تصور أفضل لوضع المريض 


جميع هذه النقاط وما سبقها تعطي تصور للإخصائي عن قابلية تحول حالة المريض من حالة بسيطة سهل التعامل معها إلى حالة مزمنة! ومعرفة مثل هذه العلامات و الأعراض المرتبطة بعوامل نفسية واجتماعية تلعب دورا هاما في استمرار حالة المريض وقد تكون عامل أساسي في تحديد نجاعة العلاج المقدم للمريض.



رابط المقال الأصلي :

2 thoughts on “منظومة وماهيّة علامات الخطر – The Flag System

اترك رد