#خريجي_العلاج_الطبيعي ، جوانب أخرى لابد من التطرق لها!

Standard

أخصائية علاج طبيعي – هذا هو عملي و هذا هو المسمى الوظيفي له ، سعدت جدا بتخرجي منه كما سعد غيري و ربما كنت أسعد عندما قدر الله أن أعمل في مستشفى فرعي في قريتي بين أهلي و بالقرب من منزلي -معجزة- .
و كالعادة مثل الجميع أثناء فترة الإمتياز لم أعتد على العمل وحدي و لكن عندما توظفت وجدت نفسي أعمل وحيدة في هذا القسم الصغير .
عندما أتأمل الموضوع دائماً ، أجد بأن كوني الموظفة الوحيدة لم يكن يوماً بسبب قلة الأخصائيات المتخرجات في المنطقة القريبة مني ، بل أنني شخصياً أشرفت على تدريب عدد منهن و لكن حالهن مثل البقية و هو أن مصيرهن بعد التخرج كان الإنتظار لا أكثر .
ربما المؤسف هو بأن عدداً من أبناء منطقتي حصلوا على وظائف خارج المنطقة رغم حاجتنا لهم .
و هانحن نرى أيضاً الأقسام التي تعمل فيها ما يقارب 10 موظفات و أكثر تستقطب نصيب التوظيف أكثر من تلك التي لا يوجد فيها سوى موظفة واحدة أو اثنتان.


تخبط وزارة الصحة و جهات التوظيف أنعكس سلباً على فئات عدة و منها :

الخريجين.
-الموظفين تحت ضغط العمل.
-المرضى الذين يحتاجون تخصصنا خاصة في القرى النائية.
-الطلاب الذين بدأ الإحباط يتسلل إلى أنفسهم و هو مازلوا على كراسي الجامعة.
-طلاب الثانوية الذين بدؤا يرون تخصص العلاج الطبيعي تخصص بدون فرص وظيفية.
-نظرة (بعض) منسوبي الكادر الطبي لتخصص العلاج الطبيعي بأنه تخصص يستطيع الإنتظار أو أن وجوده غير ملح .


الخريجين 

 

و هذا ما تحدثت عنه زميلتي نورة عبد الرزاق بشكل مدعم في هذا المقال و لعلي أضيف أن هذا الأثر قد يمتد لنواحي عديدة على الحياة الشخصية للفرد منها ماهو نفسي و منها ماهو اجتماعي.
الوظيفة هي النهاية السعيدة لكل شخص يدرس و انا اعلم بأننا يجب الأ نحصر كل أمالنا فيها و يجب أن نحاول طرق سبل شتى لتحقيق الهدف ، لكن أن استطاعت فئة من الخريجين تدبير أمرها بمسار آخر فليس الكل يستطيع ، و عندما يبدأ عدد العاطلين يزيد فهنا الجزء الأكبر من اللوم يقع على توفير الوظائف سواء من قبل الوزارة أو الجامعات .
كما أن فئة النساء و بكل شفافية تواجه الكثير من الصعوبات فيما يتعلق في مستقبلها الوظيفي و كلنا نعرف عدد ممن حصلن على وظائف بعيدة لكنها لم تذهب بسبب الظروف العائلية أو الاجتماعية المحيطة بها و هناك من يشترط عليها أهلها أن تحصل على وظيفة قريبة أو فلتنسى الأمر .
ربما ما يزيد المشكلة بأن الأماكن القريبة من بعض هؤلاء فعلا تحتاج لوجود عدد من الأخصائيات لكن كيف السبيل للوصول إليها ؟
على سبيل المثال انا اعمل اخصائية وحيدة في قسمي منذ 4 سنوات بينما تخرج عدد لا بأس بهن من الأخصائيات القريبات من مكان عملي و هن الأولى بالتوظيف فيه لكن الصحة لم تنظر في الأمر البتة ، و لو نُظر لحاجة المستشفيات الفرعية لوجودهن لرأينا العجب من الإحصائيات التي تشير للنقص.

أما على سبيل الجنس الأخر ، فحاجة الرجل للوظيفة وجهت بعوائق لا مبرر لها أيضا. فمع كل سنة يقل عدد الأرقام التي تعرض للتوظيف و مع كل سنة يزداد تكدس العاطلين ، لا سبب مهم غير غياب عين المسؤول عما يجري في أروقة هذا التخصص المهم .

ربما نقطة الممارسة التي تضيع بسبب سنوات العاطلة تعد معضلة أخرى لا يمكن تجاهلها ، صحيح أن جزء من اللوم يقع على الخريج في حال أهمل الإطلاع على جديد تخصص ، لكن من حقه أن توفر له وظائف أو على الأقل بيئة مناسبة لتطوير خبرته الاكلينيكية سواء تطوعية أو غير ذلك. و ربما هنا يظهر مقترح للجمعية السعودية للعلاج الطبيعي لتدارك هذا الأمر و إيجاد حلول أكبر من مجرد الدورات التدريبية و استقطاب الخريجين للمشاركة علميا و عمليا بما لديهم و بالأسعار المناسبة مراعاة للعدد الكبير من العاطلين منا.


الإنعكاس السلبي للبطالة على الموظفين 

و هنا لعلي اكتب من تجربة شخصية كيف انعكس كوني الوحيدة في قسمي علي ، نعم توجد نواحي إيجابية و مع الكثير من الصبر تدراكت النواحي السلبية و الضغط الكبير بمساعدة من حولي و ربما دفعات الانترن التي تذهب و تأتي!
نعم يحز في خاطري بأن حل جزء من الضغط التي تمر به عيادتي كان من قبل الانترن الذين تخرجوا للبطالة بينما الأولى أن يكونوا بجانبي موظفات.
السنة الأولى هي الأصعب : عدد المرضى بالنسبة لشخص واحد كان منهك جسديا و من المتوقع أن أتعرض لمشاكل صحية بسبب المجهود الكبير الذي يتوقع مني .
التقصير في حق المرضى : عند يكون عدد الموظفين قليل بالمقارنة بعدد المرضى فصدقوني رغم كل الشغف الذي احمله لتخصصي لم أستطع ابدا ان أعطيهم حقهم في العلاج. نعم ، مازالت أتذكر بعضهم حتى الآن و أعتقد لو أنني قابلتهم في وقت آخر لكنت استطعت مساعدتهم بشكل أكبر.
مازلت أذكر نفسي و انا أتخبط بين عدد كبير من المرضى في نفس اليوم ، هناك من نسيت تشغيل الجهاز حتى لها ، و تلك لم أخذ تاريخها بالشكل المناسب ! لم أستطع التركيز و انا ارى 3 أو 4 غيرهن في الإنتظار.
المهام الإدارية و تنظيم الإجازات : الحمدلله لم أواجه مشكلة كبيرة هنا ، لكن أعلم بأن غيري قد يفعل ، و حقيقة مرت أيام أتعرض فيه لظرف مفاجئ و اطلب إجازة قبل الدوام بساعة و كلي شعور بالذنب بأن مريضاتي قد يتكلفن عناء المشوار بدون فائدة خاصة بأن بعضهن تدفع مبلغا و قدره لتحصل على سواق .
أعلم بأن بعض المستشفيات الكبيرة قد توفر حلولًا تقنية أفضل لهذه المشكلة ، لكن الوضع عندنا مختلف ، من المرضى من لا يملك حتى جوالًا أو وسيلة تواصل عوضاً عن كونه لا يقرأ و لا يكتب و هي طبيعية أغلب القرويين البعيدين حتى عن المستشفى الذي اعمل فيه .


المرضى 

بات من الواضح جداً بأن المتضرر الأكبر هو المريض ، قسمي الصغير يستقبل قرى عديدة و لكن بالمقابل توجد قرى لم تفتح فيها حتى أقسام علاج طبيعي رغم حاجة الناس هناك لها.
و أهل القرى بسطاء ، أتألم عندما أرى أحدهم يبيع ممتلكاته طلباً للعلاج في مكان بعيد أو منطقة أخرى بينما يوجد من أبناء القرية من لو حصل على وظيفة لوفر عليهم الكثير.
هذا الكلام ينطبق على كل التخصصات ، يعاني الكثير من المرضى من إهمال أساسيات أقسام المستشفى ، و عادة آخر قسم يفتح هو العلاج الطبيعي.
الكثير من مريضاتي عبر عن فرحهن بتوفر قسم علاج طبيعي يوفر لهم الخدمة لأن عائلتها قد انهكت من مشاوير المستشفيات الخاصة أو البعيدة .
ربما هنا تكمن الحاجة لوجود أخصائي العلاج الطبيعي في الطوارئ أو مراكز الرعاية الصحية الأولية الموزعة في أغلب القرى.

هل مصلحة المريض هي الأولى ؟ ؟!!
إذا , تمكين تخصص العلاج الطبيعي تعد الخطوة الأهم لتعود الفائدة على كل الطرفين .


الطلاب 

كثير ما اسُئل من قبلهم :
تخصص العلاج الطبيعي له مستقبل ؟
آخر مستوى علاج طبيعي ، كم اجلس و أتوظف ؟
هل فعلا فيه اكتفاء في تخصص العلاج الطبيعي ؟
عادة ما أجيب :
لا لايوجد اكتفاء ، لكن لا توجد وظائف ، السبب : غير واضح !!
يوجد تناقض واضح هنا و لا نجد تفسير واضح هنا سواء عدم جدية المسؤول في دراسة القضية و أثرها السلبي على التخصص .

في الدول المتقدمة التخصص ينمو ركضاً بينما هنا يزحف مرتعباً .


نظرة التخصصات الأخرى 

أعلم بأن تخصص العلاج الطبيعي ليس التخصص الوحيد الذي يتعرض للتنمر من فترة لأخرى ، و لكنه تخصصي و هو الوحيد الذي أرى ما يحدث فيه.
سبق و أن مر علي عرضياً بعض العبارات التي ترمى من تخصصات أخرى بأن ما يقوم به مختص العلاج الطبيعي لا يتعدى كمادات يستطيع أي مريض شرائها لنفسه بدون أن يكلف نفسه الذهاب للعلاج الطبيعي أو هناك من الأطباء هداه الله من يأخذ دور العلاج الطبيعي و يعطي المريض نصائح تمارين قد لا تتناسب مع وضعه أو بدون أساسيات كتلك التي يدرسها مختص العلاج الطبيعي.
تعامل الجهات الحكومية مع تخصص ما و تقدير أهميته لابد أن ينعكس سلباً على رؤية البقية له.
ربما من الأحداث التي ترتبط بهذا الموضوع هو كيف يتم الأحتفال بدفعات كليات الطب و الجراحة و لفت النظر إليها بشكل إعلامي مبالغ و كأن تخصصات العلوم الطبية أقل شأناً.
لا أقصد تنقيص تخصص ما ، لكن عندما يعامل تخصصي هكذا سواء من جامعة أو مستشفى فمن حقي أن أكتب بعضاً مما يحدث هنا.
نستحق بعض الدعم من الجهات الكبرى التي تنشر صوراً واضحة عما يحدث. ,و جزء كبير من هذا الدعم يأتي عن طريقة دراسة المكانة الحالية للتخصص في المملكة و مقارنة الإحتياج بعدد العاطلين. كما أن الدعم الأعلامي من وزارة الصحة للتخصص لا يقل أهمية و يلعب دوراً كبيراً في نشر الصورة العامة لتخصص ما بين الناس. رأينا تقدم ملحوظ غي الحملات التي تقدمها وزارة الصحة عن طريق مواقع التواصل لكنها مازالت مقصرة في عرض دور الكامل لبعض التخصصات مثل العلاج الطبيعي.
الفريق الطبي مكمل لبعضه البعض و لا غنى عن كل جزء فيه ، أقر بأن عملي لا يكتمل بدونهم و لي الحق بالحصول على إقرار مماثل منهم .


هذا بعضٌ مما لدي ، و بالتأكيد يوجد منكم ممن لمس أمور أكبر مما لمستها و ذكرتها هنا ، سعدت جداً بزيادة الوعي و المطالبة بالحقوق التي ظهرت في مواقع التواصل مؤخراً في هاشتاق #خريجي_العلاج_الطبيعي ، القضية قضية الجميع و كلنا أمل بأن المستقبل قد يحمل تغييراً إيجابياً أكبر بالنسبة لنا.

ملاحظة : لغة المقال لا تعني التعميم ابدا ، أنما هو تركيز على بعض الجوانب السلبية لزيادة عاطلي تخصص العلاج الطبيعي و ربما في المستقبل و في مقالات أخرى نحاول نبش جوانب مشرقة أكثر ▫

One thought on “#خريجي_العلاج_الطبيعي ، جوانب أخرى لابد من التطرق لها!

  1. مقال جميل , نسيتي ان تضيفي نقطة ان اللوم ايضا يقع على رئيس كل قسم العلاج الطبيعي في كل مستشفى ,
    يعتمد على طلاب الامتياز في علاج المرضى و الموظفين اغلبهم لا يعملون , بدون فائدة ,, واذكر في مرة من المرات سألت رئيس قسم العلاج طبيعي في مسشتفى ما ليش ما ترفعون ارقام احتياجكم تحتاجون 30 رقم ترفعون 30 رقم ليش بالقطاره رقم او رقمين افادني انه طلاب الامتياز يكفون و يزيدون

    لكن ما نقول الا الله يصلح الحال

اترك رد