منذ أيام كنت أتصفح كتاباً معقداً بعض الشيء ، تحدث و بإسهاب عن تأثير العلاقات بين الطبيب و المريض و ما يحدث لدماغ كل منهما و كيف تشكله الحياة بين أروقة المستشفيات !
الإفراط في الإندماج مع المشاعر التي تمر بنا يومياً قد يقتلنا داخلياً ..
نعم ، هذا المكان ليس مناسب لأصحاب القلوب الضعيفة ليس بسبب منظر الأصابات المؤلم و لا العمليات أو الدماء التي يجب أن تمر بنا مهما كان تخصصنا الطبي !
بل لأنك تتعامل مع بشر، قتلهم الألم من الداخل قبل أن يقتل أجسادهم !
بشر لدى كل واحد منهم قصة لم تجد أحد يسمعها ! قصة تخاف أن تهمش بدون سبب واضح !
ليس كل شخص يصغي و لا الجميع مستعد لأن يصغي بإهتمام؛ و لكن حتى و لو لم ترغب بأن تصغي فإن بعض هذه القصص المؤلمة يجب أن تتسلسل لمسامعك مهما حاولت الهرب منا !
قصص قد يشيب لها الرأس ، قصص قد تطاردك في أحلامك بعض الأحيان ، قصص و قصص !
قد لا تستطيع أستيعاب الكم الهائل من القصص التي تمر عليك بشكل مستمر فتبدأ في إغلاق قلبك ، ربما أنت تحاول أن تحميه ، و لكنك بالواقع عندما تغلقه تماماً قد تؤذي مرضاك و من حولهم !
.. هل مر عليكم مثل هذا الموقف ؟!
تلك الممرضة التي “تقهقهه” بأعلى صوتها في العناية المركزة بينما هناك طبيب يحاول أنعاش مريضة توقف قلبها من لحظات ، و ياللعجب تلك المريضة لم تكن كبيرة السن ، بل كانت في عمر مقارب لعمر هذه الممرضة!
هل محاولة النجاة في عالم المستشفيات الدامي تعني بأن نصبح الآلات لا تقدر حياة الناس ! ~
الأ نستطيع ان نكون أقوياء و بنفس الوقت نملك القدرة على تقدير قصة كل مريض يمر بنا ؟
لماذا لا يهيئ الممارسين الصحيين لتلقي كل هذه الصدمات بصلابة ؟
لماذا لم تستطع تلك المناهج و الكورسات الغالية أو البعثات الطويلة بالسنوات أن تخبرهم بأن يتعاملون مع بشر ، و ليس مجرد الألات يجب إصلاحها فحسب ؟
تعود الأطباء و الممرضين على مشاهد الألم و الحزن قد ينتج عنه الأستخفاف بألم المريض (1), بكل تأكيد تعلم إسترايجيات التعامل مع صعوبة المواقف التي تمر بنا مهم لحماية أنفسنا و لكنه قد يصبح عائقاً كبيراً للتواصل بين الطبيب و المريض إذا فقد الطبيب القدرة على موازنة عقله و قلبه في هذه المواقف .