العلمُ يُبنى بـالفضول .

Standard

 

حقيقة :

خلف إنطلاقة العديد من العلوم والإختراعات : تساؤلات سخيفة.

كتبه طالب العلاج الطبيعي : جاسر بن سعد 

تنسيق : نوره عبدالرزاق

تصميم الهيدر : سلوى حمدي


وبعد* :

بدأ الفضول منذ أن خلق الله آدم , فهو الذي قاده إلى أكل الثمرة طمعاً لإكتشاف وتجربة مايحصل بعدها , فكان هذا الأمر سارياً على ذريته من بعده .

هو نفسه “ الفضول ” الذي لأجله إنطلق موسى عليه السلام إلى أرض عدن , حاملاً بجعبته تساؤل ” من ذا الذي هو أعلم مني ؟ “

سقوط التفاحة على رأس نيوتن أشعل لديه هذه الغريزة , فأنبتت جدلاً بداخله ” لماذا سقطت للأسفل ؟ لماذا لم ترتفع ؟” .

تأمل الإسكتلندي جون باردون ” لماذا لا نحصل على النقود في يوم عطله ؟ ” فكان له ما أراد ” صراف آلي ” .

وهكذا , إنتهى بعض الفضول إلى فائدة , والكثير منه ينتهي في سلة الكبت والتجاهل .

 l;[;

غريزة:

في صغرنا كان يثيرنا أن نعرف كل شيء , كل ما هو حولنا نسأل عنه ” ما ذاك الشيء ؟ لماذا يحدث هذا ؟ هل نستطيع فعل ذلك أيضا ؟ ” , ولو أنا نلاحظ الأطفال بيننا لوجدنا الأمر مستمرا تتعاقبه الأجيال … فما الذي حصل عند تقدمنا بالعمر ؟ ولماذا اندثرت هذه الرغبة ؟ … لا أريد الخوض بالأسباب فهي تختلف باختلاف الزمان والمكان , فقديماً كان علم الفلك والكيمياء وغيرها أشياء محرّمة , لا يجب الخوض فيها .. وفي حضاراتنا القريبة كان هذا الأمر كذلك.

يقول الفيزيائي كارل ساغان ” بمجرد ذهابك إلى طلاب الروضة أو الأول إبتدائي ستجد صفّاً مليئاً بالحماس تجاه العلوم , يطرحون أسئلة عميقة : ماذا تعني الأحلام ؟ لماذا نمتلك أصابع ؟ لماذا القمر كرويّ الشكل ؟ ماهو عمر العالم ؟ لماذا لون العشب أخضر ؟ , بينما في حال ذهابك إلى طلاب المرحلة المتوسطة لن تجد مثل هذه التساؤلات فهم أصبحوا أقل فضولا … فهناك شيئ فظيع حصل مابين الروضة وبين المتوسطة ! ” .

قد أوجد الله فينا غريزة التساؤل والفضول , وفي ذلك فضّلَنا على بقية مخلوقاته , وقد أمرنا بإستعمالها حيث قال ” قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ” , .. “ قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ” … ” أفلا يتفكرون ” .

فالأمر كما أخبرنا الله يحتاجُ إلى تفكّر , والفكرة : محاولة الوصول إلى معرفة المجهول . وهذا معدن الفضول .

” أنا لست ذكيا وليست لدي موهبة خاصة , إنّما أنا شديد الفضول “ . قالها آينشتاين ذات يوم , وأكدها العالم المصري زويل عندما قال  ” إنّ الفضول هو شغف العلماء دائماً ” , وقد صدقوا في ذلك , فبه تكتمل المعادلات , وتنمو الحضارات . به ارتفاع أمم , ودُنُوّ غيرها .

ujhuhy

قناعة:

إنّ مسيرة التعلم قائمة ما قامت الدنيا , لا تنتهي بشهادة علمية ولا بعمرٍ محدد , ولا عيب في أن يكون الإنسان جاهلاً , بل لا يمكن للإنسان أن يكون عالماً في كل شيء . وإنّ المرء ليمرّ بمراحل كثيره في عمره ينهالُ فيها من علم الحياة , وإنّ في اختلاف الأعمار اختلافٌ في العلوم .

لا يقتل الفضول وحب التعلّم غير “ إدّعاء ” المعرفة , والإعتقاد ” بالإكتفاء ” العلمي . بل إنّ ما يضرّ الإنسان هو يقينه بوجوب : معرفة كل شيء . مُتجاهلاً ” وما أوتيتم من العلم إلّا قليلا ” .

*رُويَ عن الإمام الشافعي ذات يوم أنه سُئِل عن 48 مسألة , فقال في 32 منها : لا أدري*.

بل إنّ جمالية العلم هو الإدراك بأن هناك أشياء قابعة في المجهول لا نعلم عنها شيئا , وهذا ما يثير فينا الرغبة بالإكتشاف .

يقول الأخصائي ماهر الفرحان :

” من المدهش أنك لا تعرف ما الذي لا تعرفه ” .

llp[ll.'[l;

تعصّب:

قبيح المعرفة هو ذلك المتعصّب لعلمه , الرافض لفكرة التجديد , والقابع خلف عنترية الرأي , الهادم لملذة الفضول , السائر في طريق التخلّف إلى الجهل , بينما غيره يواصلون المسير إلى القمة , إنْ توقف أحدهم أخذ غيره زمام الأمور , حتى يقف هو الآخر , وهكذا تتوالى الأمم في العطاء .

كم من نظرية آمن بها أُناسها , وتزمّتوا لأجلها , كم من علمٍ إدعى صاحبه صحته , وكم من معلومة بُنيت على البراهين , نجدها في وقتنا هذا تتهاوى في مصارع ” لا يعتمد عليها ” و ” وتم إثبات خطئها ” .

هكذا هي حياة العلم :  تتنامى بالأفكار المتجددة , لا تقف عند حدٍّ معيّن ولا تنتهي بموتِ عالم .

شُجيراتها : الأشياء الدفينه , والماءُ المغذي لها : عقلٌ وتساؤلات , وهكذا تنمو وتنمو حتى يستظل بعلمها ذاك التائه , الباحث عن الحقيقة .


آخر السطر:

” إنّ المحفّز الحقيقي للعالم هما : الفضول والبحث عن الحقيقة “ إرفينغ لانغموير .

اترك رد