نقاش لبحث معنون بـ “وجهة نظر الطبيب المحوِّل عن دور العلاج الطبيعي في إدارة الآلام الهيكل عضلية المزمنة”#up_to_date

Standard

بيئة العمل في السلك الصحي تواجه تحديات وصعوبات يومية كثيرة, سواءًا تعامل الممارس الصحي مع بقية أعضاء الطاقم الطبي أو مع المرضى. على وجه التحديد في قسم العلاج الطبيعي, المهنة التي تتطلب من الصبر بقدر المعرفة, يواجه الاختصاصيون مشاكل وتحديات جمّة, تتمثل في عدة أشياء, منها ماهو موضع اهتمامنا ونقاشنا اليوم, والذي يتمثل في طرق التواصل مع أعضاء الفريق الطبي, على وجه الخصوص الطبيب المحوِّل.

       

فكرة المجتمع الطبي وتصوراته عن العلاج الطبيعي تمثل الأساس الذي يتحكم بأسلوب تعاملهم مع الاختصاصيين, ابتداءًا بالطبيب الذي يُحدد مَن مِن المرضى يتم تحويله ومتى.

 

البحث المعنون أعلاه يهدف إلى خدمة هذا الغرض, من معرفة وجهة نظر الطبيب المحول عن طريق المرضى الذين تم تحويلهم وإلى معرفة مدى تأثير كلام الطبيب وتوصياته عن الطرق المستخدمة في العلاج الطبيعي عى مدى رضى المرضى بجلسات العلاج الطبيعي.


خرج البحث بعدة نتائج منها:

  • ·       37% من المشاركين في البحث قالوا بأن الطبيب الذي قام بتحويلهم للعلاج الطبيعي لم يقم بالتوصية بأي علاج سواء كهربائي أو التمرينات العلاجية وترك مطلق الحرية للاختصاصي في ذلك.
  • ·       بينما 33% من المرضى قالوا بأن الطبيب أوصى بالتمرينات العلاجية والعلاج الكهربائي معًا.
  • ·       21% من المرضى أبدوا عدم الرضى عن كون الاختصاصي لم يعمل بتوصية الطبيب باستخدام العلاج الكهربائي!.

أثارت نتائج البحث, مجتمعةً مع ما نتعرض له كممارسين للعلاج الطبيعي يوميًا, تساؤلات كثيرة حول هذه النتائج. ولتوضيح معالم المشكلة التي تواجهنا فتحنا نقاش مع اختصاصيين مميزين وغنيين عن التعريف, الاختصاصي معاذ خالد @MiZo729 والاختصاصية سلوى حمدي @SalwaPT.

افتتحنا النقاش بعرض موقفين واقعيين, يتكرران في عيادات العلاج الطبيعي.

الموقف الأول:

وقد كانت المناقشة حول هذا الموقف كما الآتي:

         الاختصاصية سلوى: هو موقف متكرر فعلًا, شخصيًا أعرف أنه من الخطأ أن ألوم الطبيب بشكل فج أمام المريض حتى لو أخطئ ولكن لاأتردد في فتح حوار بسيط معها حول كيف أن التمارين العلاجية تحتاج إشراف وأن أساس التخلص من مشكلتها يكمن في نمط حياتها أكثر من أي شيء آخر وهو مالا استطيع تحديد أساسه بدوون فحص, وإذا ماوجدت بأن المشكلة لم تحل ليس أمامها إلا أن تصر على طلب التحويل وعادةً الأمر ينفع إذا أصر الشخص, لكن إذا اختفت الآلام فلاداعي, المهم أن تعرف بأن الدخول في جدول تمارين يتطلب مقدمات للتعرف على المناسب لها, وبالنهاية التوعية والنصائح العامة ممكنة بدون تحويل وتساهم في نشر فكرة التخصص لمرافقي المريض.

·       بالفعل اختلاف الحالة ونسبة تعقيداتها يرسم سناريوات أخرى للتعامل مع الموقف ولكن الفجوة تكمن في قلة المعرفة حول اساسيات العلاج بالذات من شخص بُفترض منه العمل بالتعاون مع التخصص.

         الاختصاصية سلوى: يعتمد على ماإذا كان الطبيب متقبل للحوار هذا جيد لكن الأغلبية يرفض مناقشته في قراراته فاعتمد التعامل المباشر مع المريض بالإقناع. سبق وجاءت لي مريضة شابة تطلب دعامة للرقبة بتحويل من الطبيب وحالتها لاتحتاجه مع قليل من التوجيه المباشر فهمت ذلك.

         علَق الاختصاصي معاذ قائلًا: نقل التمارين العلاجية من ما قد يُتصوّر أنه أمر ثانوي إلى أساسي يكمن في تقديم الخدمة في إطار المنظومة الصحية, فضلًا عن مراعاة الجوانب المختلفة بين الحلات كل على حدة بواسطة مختص هو أخصائي العلاج الطبيعي.. أُفضل في حالات كهذه مناقشة الطبيب مباشرةً في إطار ودي قدر الإمكان. مضيفًا بعد ذلك: تفهم الثالوث (الطبيب, الأخصائي والمريض) كون بعض المستلزمات الصحية لايجب أن تكون مقتنيات شخصية أمر مهم أيضًا.

         للأسف المناقشة الودية غير ممكنة دائمًا في حال اعتقد الطبيب بأن الأخصائي مجرد منفذ لأوامره, حيث أن بعض النقاشات التي مررت بها لم تؤدي لنتيجة مفيدة وتخللها بعض من محاولات فرض السيطرة لهذا قد تجد إقناع المريض بمنطق وتعقل أكثر عقلانية في بعض المواقف طبعًا بطريقة تبتعد عن لوم أفراد البي الآخرين. وبالتأكيد الأمر يختلف تمامًا إذا كانت كل الأطراف متقبلة للحوار.


انتقلنا بعدها إلى الموقف الآخر لتتم مناقشته وتحليله.

         تكمن المشكلة في ظني-ووفق الهيكلة الهرمية للصلاحيات الطبية حاليًا والتي تضع الطبيب رأسًا- بغياب العمل الجماعي كفريق طبي يناقش في كل جانب مايمكن أن يُقدمه من جانبه والفترة المتوقعة لذلك لكي تححسن حالته وفق الأهداف المرسومة.. غياب فرق من هذا النع يقود في أحيان كثيرة للأسف إلى أن يقوم الطبيب بإعطاء آمال غير واقعية للمريض تُصب على كاهل أخصائي العلاج الطبيعي والذي عليه أن يعمل على تلبية أمر غير قابل للتطبيق في المدى القريب وأحيانًا في المدى البعيد..

وفي الحالات الأكثر مأساوية يأتي التحويل من الطبيب بشكل يؤكد فيه عدم إلمامه بدور أخصائي العلاج الطبيعي أصلًا, لكنه الشماعة التي تُعلّق عليها آمال المريض .. والمأساوية هنا لا أربطها بمدى سوء الحالة الصحية من عدمها بل هو بمدى فهم الطبيب المُحوِّل لدور أخصائي العلاج الطبيعي من عدمه ..

·       تمامًا فقد يكون الهدف الكبير مشترك ولكن الأهذاف الصغيرة التي تُفضي إليه مختلقة وتحتاج إلى صبر..

         وأضافت الاختصاصية سلوى من واقع تجربتها العملية تعليقًا على طرح الاختصاصي معاذ: تمامًا, كما حدث عندما أخبر طبيب مريضة التصلب اللويحي بأن الإبر تعيدها بخير تمامًا وضع على كاهلي عناء شرح آثار الهجمات وأمور أخرى لكي لايكون هذا الأمل عائق لتحسنها ولحسن حظي كانت مريضة واعية..

كما  أن التقيد ببروتوكول صارم للعلاج يضع المريض تحت ضغط كما حدث مع شابة أُصيبت بكسر تعبت نفسيًا من استعجالها في الحركة.

·       لهذا السبب يجب أن يكون العلاج مرن بحسب احتياجات وقدرات المريض, والتي تُحدد بعر الفحص بشكل كامل.

         وأثارت مرةً أخرى الاختصاصية سلوى بعض من مواقفها الواقعية مع المرضى: حدث أن مرضية مصابة بكسر قالت بأن الطبيب لم يُحولها للعلاج الطبيعي إلا بطلبها وبعد مرور أكثر من ثلاث شهور رغم حاجتها!

ربما تكون مثل هذه الحالات الأكثر شيوعًا, لايتم التحويل إلا بعد فوات الأوان لتتعامل مع مشاكل كان بالإمكان تداركها.

         وبالمقابل حُولت لي حالة طفلة لchest physio  وعندما فحصتها وجدتها بخير لاتعاني من أي بلغم أو  مضاعفات على الإطلاق.


هذه الحالة فتحت بُعدًا آخر للموضوع وهو التحويل العشوائي, والذي يمكن أن يكون نتاج لعدم معرفة الحالات الملائمة للتحويل.

الآن الجانب الآخر والذي ناقشته الدراسة وهو كون التحويل قد أصبح أحيانًا prescription  بشكل أكبر, كم تقدرون نسبة حصول مثل هذا الشيء؟.

         شخصيًا قل المعدل في عيادتي بعد التفهم وتتم التفاهم على عدم تحديد جلسات العلاج الطبيعي من قبل الطبيب مما خفف الحمل كثيرًا.

         وقد علّق الاختصاصي معاذ من جانبٍ آخر بـ: الأهم من ذلك وبحسب ذات الورقة العلمية أن الشخص الأول (الطبيب دائمًا) الذي يتصل مع المريض تكون قناعته به أكبر من الشخص الثاني بغض النظر عن المسمى الوظيفي له, لذلك فعندما يُحوّل مريض بخطة علاجية من قبل الطيب تكون مهمة إعادة رسم القناعات أكثر صعوبة.. لذلك إما أن يوظف ذلك العامل لصالح الأخصائي بحيث يُمنح الصلاحيات الكاملة من قبل الطبيب أو عبثًا على الطبيب أن يُلم بتقنيات العلاج الطبيعي بشكل تام وذلك سيؤدي إلى تضاعف المهام الوظيفية بشكل غير مُبرّر.. لذلك إعادة رسم الصلاحيات هو الحل, غياب نقابات المهن ورطة نرجو من وجود SPTA أن تحاول المسير في اتجاه يعزز من دور PT.

·       صحيح, do your job and let me do mine!.


دعونا نناقش العوامل المؤثرة على نقص المعرفة المنتشر بين الطاقم الصحي ككل عن العلاج الطبيعي, العملية مشتركة والخطأ ليس خطأ شخص واحد, فهل بإمكانكم تحديد العوامل والأشخاص المساهمين في حدوثه؟.

         ربما أُشير لنقطة صعبت التواصل بين أفراد الفريق الطبي وهو اعتماد أغلبهم على bio-medical model وهي أكبر عقبة أواجهها عندما أبدأ بإقناع المريض بقدرته على التغيير حيث أن معظم الأطباء المحولين يعتمدون لغة شرح مخيفة ومحبطة للمريض مثل قولهم ظهرك عظمة على عظمة أو وقف شغلك تمامًا أو ظهرك مثل ظهر شخص عجوز..إلخ ودعونا لاننكر بأن جهل بعض المعالجين الطبيعيين بدورهم بشكل مناسب له دور في تعزيز المشكلة وتكبير الخطأ.. وأحيانًا جهل الأخصائي بالوقت أو الشخص المناسب للنقاش يوقعه في مشكلة مع الطاقم الطبي لهذا التأني مهم.

·       عدم الإلمام بالتخصص يُفضي إلى ضعف ثقة الممارس بعمله وقيامه به بشكل آلي كما أُنزل في الكتاب!

         في هذه الناحية وللأمانة أرى أن مدى التحسن في الخمس سنوات الماضية جيد جدًا ومشجع, غياب فهم دور العلاج الطبيعي داخل المنظومة يعود لكون الخدمة الطبية كانت في طور تنموي بحت في السنين ال40 الماضية وكان الهدف توفير الخدمة في أنحاء متفرقة جغرافيًا, مؤخرًا بدأ تحسين جودة الخدمة الطبية هدفًا أساسيًا على اعتبار استيفاء المرحلة السابقة لأغراضها وهي فرصة ذهبية للمهنة كونها تندرج تحت مظلة التأهيل والعلاجين التحفظي والوقائي وهو مايعزز مفهوم الجودة ويعزز من كفاءة الإنفاق..

         ردت الاختصاصية سلوى على هذا التعليق بالآتي: حقيقة اختلف معك نوعًا ما الواقع ليس بهذا الاشراق وربما الحل الأمثل عمل دراسات تقصي المشكلة قبل طرق الحلول, فهمي ينطلق من عملي في مستشفى فرعي في قرية وتأتيني تحويلات من كل مكان أغلبها تقوم على تعقيد المريض حتى لو كانت حالته سهلة over treatment and over diagnosis  يوجد تغير لكنه لايرقى للمأمول وبكل أسف ولا تعتبروا كلامي احباطيًا لكن هذا الواقع وكلنا نعلم بأن تغيير الواقع مستحيل دون فهمه.

·       لهذا السبب قمنا بفتح هذا النقاش لنتوسع في فهم المشكلة وربما تأثير بيئات العمل المختلفة له دور في ذلك. ومارأيكم بدور المنشآت التعليمية ومساهمتها في المشكلة؟.

         للأسف لايتم طرح الواقع بشكل مناسب أثناء الدراسة أو حتى في الكورسات وهذا يضع فجوة كبيرة أثناء مواجهة اختلافات الأطباء وربما صدمة وإحباط حيث يتوقع البعض بأن طريق العمل ممهدة, يجب أ نتقبل وجود اختلافات والأهم أن نتعلم كيف نتعامل معها بحنكة دون إهانة أحد الأطراف وهذا يؤكد أهمية مهارات التواصل والنقاش وفهم بعض الظامور النفسية في العمل ومايتعلق بضغوطه.

         المؤسسات التعليمية ممثلة بالجامعات ينالها من النقد الجانب الأكبر, في ظني يجب أن تتحول الجامعة من جهة تتفاعل مع الواقع الطبي وتُشرعنه إلى جهة تنتقد الوضع الحالي وتبحث عن سبل تحسين أفضل للخدمة تُتوّجه بالسعي نحو التغيير بما يعزز الفائدة للمريض, المنشآت الصحية, الممارسين الصحيين وكفاءة الإنفاق.

 


ختامًا قمنا بالطلب من المشاركين في النقاش لعمل عصف ذهني سريع لحلول مقترحة لهذه المشكلة وخرجنا بالآتي…

 

 

 


اللهم لاعلم لنا إلا ماعلمتنا ..

اترك رد