اخلاقيات التطوع ( لتتحقق من سلامة الطريق قبل المضي في السباق )

Standard

 

 

كتبته : نوره عبدالرزاق


يقول الله جل في علاه : ( فمن تطوع خيراً فهو خير له ) من هنا ننطلق وإلى النقطة ذاتها نعود .

إن لا شيء يُمنطق الضمير الإنساني وليس هناك نقطة وضوح تقع خلف البذل والعطاء والتضحية إنها كلها تأتي بلا أسباب يفهمها المنطق ولا عوائد شخصية . و ربما أسباب معلقه .. تأتي في الحين الذي نؤمن به لاحقا .. عند الله .

نحن نعي الأجر العظيم لما نقوم به ونحرص لكي ننال ثوابه بإتقان ما نفعل , وندرك عندما تعرقلنا بعض الجهات و الآراء أننا لا نبحث عن المنفعة الذاتية لذلك لا نتوقف ونتخطاها جميعا .

لأن المهم ليس نحن وحسب. الذي يهم حقا هو ما سيعود على الجميع .. أو الغالب .. أو ربما الذين نظن أنهم بحاجة إلينا فقط . وهذا يكفي .


يقول الدكتور عبدالله اليوسف في حديثه عن ثقافة التطوع :

“إن حيوية أي مجتمع أو ركوده منوط بمستوى الثقافة السائدة لديه , فاذا كان المجتمع تسوده ثقافة منتجه ومتحركة وواعية فإنه يكون مجتمعاً حيويا ومتحركاً ومتقدماً , أما إذا كانت الثقافة السائدة في المجتمع هي ثقافة سلبية ومتخلفة فإن المجتمع سيصاب بالركود وأنعدام الفاعلية .” 1

و يقول الدكتور عبدالكريم بكار ” العمل التطوعي يشبه النوافل التي تجبر الفرائض “2 فإذا كنا مقصرين في جانب ما فالتطوع يأتي ليسد ذلك التقصير و القربات الإجتماعية التي نقدمها لوجه الله من باب ( من تطوع خيرا ) لها أجزل الأجر و أعظمه وعلى سبيل المثال نذكر أجر كفالة اليتيم التي يجزي عنها الله بمرافقة النبي في الجنة .

ومن المناسب أيضا أن أستشهد بأحد الأئمة و أعتبره حث على التطوع في قوله : ” من إستوى يوماه فهو مغبون , ومن لم يعرف الزيادة في نفسه فهو في نقصان ” والعطاء زيادة وثراء . 3


و بالتأكيد أنا لسنا هنا وحدنا .. هذا مجال فيه ( فليتنافس المتنافسون ) .

أنت تقرأني ربما لأنك تريد أن تخوض في هذا التنافس تريد أن تسبقني للخير لا أن أسبقك وربما أنت زميلي الذي يركض بجانبي من أول الطريق ربما أيضا أنت مدربي الذي سبقني إليه . المهم أنك تقرأ لأنك تهتم ولأنك متطوع . وأنا أريد أن أخبرك القليل مما أود أن تعرفه  وأن تنقله لكي نحافظ على هذه البيئة التطوعية سليمه و محفزة وشيقة للجميع .

إن كانت الخلية هي المكون الأساسي لأجسامنا فالأخلاق هي المكون الفريد و الأساسي للتطوع . “ومن فاقك في الخلق فاقك في الدين” هكذا قال ابن قيم الجوزية .. اذا فالتفوق في الأخلاق ليس جزئيا إنه الكل , وصفة الأخلاق هذه التي لازمتها ” التفوق “ توجز مسار و صفات المتطوعين فالتطوع لا يناسب إلا ذو الهمم العاليةوالرؤى البعيدة .

لذا كان من المهم أن نفصل الحديث في المكون الأخلاقي و الطابع الأخلاقي للتطوع لكي نسير على طريق منتهي بوجهه .

فما هي إخلاقيات العمل التطوعي   :

إن مصطلح أخلاقيات العمل  التطوعي يدل على مبدأ اجتماعي يركز على كون الفرد مسئولا عن العمل الذي يؤديه وينطلق من إيمان راسخ بأن: للعمل التطوعي قيمة جوهرية يجب احترامها وتنميتها ويستخدم هذا المصطلح عادة لوصف سلوكيات المتطوعين في العمل التطوعي. 5

 

إذا : المسؤولية هي المحور والقيمة ( وقيمة ما نفعل) هي الوعي الذي تدور بداخله كل الأشياء .

والفرد مسؤول عن ما ينطق وما يكتب وينشر ومؤتمن على العلم فإن أخذه من فلان ذكره عنه وإن إستحدثه من نفسه نسبه إليه . ولا أظن أن غير ذلك يستقيم ( من سرقة الحقوق الفكرية و نسبة جهود الناس إلى غيرهم و التدليس ) لدى متطوع  دخل سباق الخير راغبا واعياً لشروطه و التزاماته .

وأنا أتحدث هنا عن الأمانة العلمية لأنها المجال الذي يسعى فيه فريق أفكار العلاج الطبيعي ويحاول إثراءه . والحمد لله على ذلك و هنيئاً لمن سابقونا هنا فالرسول الأمين عليه أفضل الصلاة والتسليم يقول ( من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء و فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر) . رواه الترمذي

 

ومن إخلاقيات التطوع أيضاً :

  • الالتزام
  • احترام الفئات المستهدفة
  • احترام قواعد القانون
  • العمل التطوعي ينطلق من مبادئ الدين الإسلامي الحنيف والأعراف الاجتماعية التي لا تتعارض مع شريعته
  • العمل التطوعي يتضمن أهدافا نبيلة تخدم الوطن والدين وإنسان هذا الوطن
  • العمل التطوعي يساهم في نشر الثقافة المتحضرة
  • العمل التطوعي يقوم علي الاحترام المتبادل بين المتطوعين وبعضهم وبين المتطوعين وغيرهم من أفراد المجتمع
  • عدم التفكير في الحصول علي مقابل مادي
  • تنظيم الوقت لممارسة العمل التطوعي .. وهنا أستشهد بقول الشاعر :

      أليس من الخسران أن ليالياً .. تمر بلا نفع وتحسب من عمري . 3

  • التعاون والتكافل والتواصل بين أطراف الفريق التطوعي
  • الالتزام بتجنب تضارب المصالح أو السعي للربح. 4,5
  • الأمانة في التنافس بين الفرق التطوعية وحفظ الحقوق إلى أصحابها .. فالغاية واحدة والقمة تتسع للجميع . 

 

ولا أجد خاتمة لحديثي هذا إلا قول أبو العلاء المعري :

الوقت كالنار والأعمال فيه عصا .. فبادروا الخير إن العمر يحترق .

 

 

 

 

 

 


 

المراجع :

 

  • د. عبدالله اليوسف : ثقافةالعمل التطوعي, مركز الراية للتنمية الفكرية , 1426 هـ
  • د.  عبدالكريم بكار , ثقافة العمل الخيري, دار السلام , 1433 هـ
  • العلامة . عبدالفتاح أبو غدة , قيمة الزمن عند العلماء , دار البشائر الإسلامية , 1410 هـ
  • د. زهدي سرحان واخرين :العمل التطوعي بين النظرية والتطبيق , مكتبة الرشد , 1434ﻫ
  • د. أماني قنديل : أخلاقيات العمل التطوعي ,مؤسسة العنود الخيرية ,1430ﻫ

 

 

One thought on “اخلاقيات التطوع ( لتتحقق من سلامة الطريق قبل المضي في السباق )

اترك رد