” شكراً للجميع”, قصة كفاحي مع إعاقتي الحركية !

Standard

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

 

 

انا فتاة ولدت بإعاقة كاملة و لكن الحمدلله كانت اشبه بالبسيطة فلم تكن شللاً ولم تمنعني عن الحركة , بدأت اعراض مرضي وانا بالشهر الثامن برحم أم تحملت الكثير من اجلي , تمت ولادتي بشكل طبيعي والحمدلله وتأكدت اصابتي بإعاقة حركية , ولدت متنقلة ما بين منزلي والعناية المركزة حينما كنت اعاني من اعتلالات صحية , حتى انهم اخبروا أبي بنفس الفترة اني قد افارق الحياة بسبب ما أمر به من ظروف صحية , ولكن قدرة الله سبحانه وتعالى فوق كل شيء , مرت الايام بعد ذلك وبدأت صحتي تزداد بتحسنها , والحمدلله على كل شيء .


 

تأكدت اصابتي بإعاقة حركية جعلتني استخدم الكرسي المتحرك , الذي كان بمثابة نصف القدم التي تساعدني , اما النصف الاخر فكان الفضل يعود الى عائلتي , أمي و أبي اللذان لم يتركاني من صغري فكانا يد العون لي , حمدا الله على ما أعطاهم وأحمد ربي بأن رزقني بأب وأم جعلا فيني أمل وإصرار على ما سأقدم بمستقبلي , وكانا على قمة من كان لهم جزء كبير بالتأثير علي , وأما عن اخوتي فكان لهم تأثير كبير بحياتي من بعد أمي وأبي , اخوتي كانوا السند لي بمواجهة مستقبلي , لم يشعروني بمعنى الاحتياج , كان اخواني كأبي يحين يأتيه ظرف يحلون مكانه محل لا يشعرني بغيابه بالشكل الكامل , وكانوا اخواتي كأمي التي حين تغيب يحلون مكانها ويصبحون جميعا كمقامها ,  لم يعاملوني كأخت مريضة , بل على العكس تماماً .

الدافع الاكبر لي بالمواجهة كان معاملة عائلتي لي , لم يشعروني يوما بأني مريضة الا بما يستلزم الامر , حينما يأتي وقت الطعام مثلاً : لا يقدمون لي الطعام لي لوحدي , ولم يخصصوا لي المكان لي لوحدي , بل بالعكس كنت اجلس معهم على الارض وعلى سفرة واحدة , قد يكون هذا الامر بعيد عن اذهانهم لكنه أثر بي بشكل كبير وقد لاحظته بشكل كبير حينما كبرت .

حان وقت دخولي للمدرسة , اهتم أمي وأبي  بتعليمي فأدخلاني مدرسة خاصة كانت تجمع بين المرضى عقلياً والطبيعيين , وكان سيتم تسجيلي مع المرضى عقلياً كاعتقاد بأني معاقة فكرياً ايضاً , رفضت احدى المعلمات *جزاها الله كل خير* بأن أَسجل معهم , اجروا لي اختباراً يحدد مدى ذكائي والحمد لله نلت نسبة منه جعلتني ادرس بالمجال العام , لم يكتفوا بذلك فقد جعلوني اتعلم مع اولى ابتائي من دون تسجيل حتى يروا مدى تفاعلي مع الطالبات , مرت تلك السنة التجريبية والحمدلله تم تسجيلي بالنظام العام وليس الفكري , اكلمت دراستي كأي فتاة طبيعية بين طالبات فصلي وبين معلماتي جزاهم الله كل خير , كنت لا احب كرسيي المتحرك بتلك التفرة فكنت اجلس على كرسي وطاولة المدرسة واترك كرسيي المتحرك جانباً , كانت لدي معلمة حسنة التعامل فكانت تحضر لي سبورة صغيرة الحجم اجاوب عليها واتفاعل عليها , لم اضطر يوماً الى ان احتاج شيئا مختلف عن صديقاتي , سواء كان توفيره من معلماتي او من عائلتي , فشكراً لهم , وشكراً لأمي التي كانت تستيقظ معي مبكرا وكأنها عادت لمراحل دراستها الابتدائية و تذهب  معي يومياَ وتنتظرني خارج فصلي وانا فيه اتعلم , وشكراً لأبي الذي كان يسير بي يوميا من البيت الى المدرسة وكان يحملني من والى السيارة , وشكراً لاختي ندى , اختي التي كانت امي من بعد امي , كانت كصديقتي تعلمني وتدرسني وملازمة لي اغلب وقتي , شكراً للجميع.


 

اكملت مرحلة الثالث الابتدائي بالفصول الدنيا التي تكون بالدور السفلي بحيث لم يكن هناك تأثير , انتقلت الى الصف الرابع وتم نقل فصلي الى الاسفل من اجلي , حينما وصلت الى الصف السادس اضطررنا للانتقال الى مدرسة جديدة بسبب اعمال الصيانة , عانيت حينما انتقلنا بسبب عدم وجود فصول بالدور الاول , دمت اسبوع تقريبا بدون دراسة اذهب للمدرسة من غير أي شيء اقوم به , وسط برود من بعض طاقم المدرسة وهم قلة , يقابله انتظار وقلة حيله من أب وأم حريصين اشد الحرص على تعليمي وعلى مستقبلي الدراسي , كان هذا تقريبا الموقف الاول الذي اواجهه بحياتي وقد تيقنت هنا بأن ابدأ فعليا التحدي ولن اتأثر بأحد , ذهب ابي الى مدير التعليم الذي قابلنا بصدر رحب وقال بأنه حق على المديرة بأن تصعد بمكتبها الى الاعلى وان تجعل فصلي مكان مكتبها , وكان ابي قد اتخذ قرار نقلي الى مدرسة بنفس مدينتي مناسبة بشكل كبير لي , فهي مهيأة بشكل كبير لذوي الاحتياجات الخاصة , فهي عبارة عن مدرسة بأكملها دور واحد وارضية بالكامل , حينما انتقلت ادركت بأن انتقالي كان خيره , ودعت من احب من اساتذتي ورحلت , حينما انتقلت انفتحت لي الحياه وبدأت ارى نفسي كثيرا , استقبلوني بفرحة افرحوني بها , تعرفت على عدد كبير من الصديقات حينما كنت قليلة تكوين العلاقات ,  عرفوني على عدد من المواقع التي اشتهرنا بها بجيلي آنذاك من المنتديات والماسنجر , اصبح تواصلي معهم مطول بالمدرسة وعبر تلك البرامج , تميزت كثيراً والحمد لله بدراستي بالسادس ابتدائي , وصلت الى المرحلة المتوسطة و واصلت تميزي فيها بحمدالله  كنت انسجم سريعا مع معلماتي وطالبات فصلي والحمدلله , فكانوا يعاملوني كأنا , تعلمت الجراءة تقريبا بتعاملاتي ارفع يدي للمشاركة كثيرا اصبحت اذهب للسبورة كي أحل ما وكل لي حله , تجرأت تقريبا عن ما كان في مرحلتي الابتدائية وكأن كل مرحلة تعلمني الجديد والمفيد , تميزت والحمدلله بدرجاتي وبمحبة معلماتي ومحبتي لهم , حرصت على دراستي كثيرا كما عودني ابي وامي بأن دراستي هي كل شيء , وهي اغلب المستقبل .

كانت كل سنة تمر بعمري تزداد طموحاتي بها , اتخذت اعاقتي كشيء يميزني عن غيري , واتخذتها دافع لي بتميزي , حاولت ان اغير هذا المفهوم الخاطئ بان ذوي الاحتياجات الخاصة غير قادرين , الجميع يستطيع , ولكن يجب تنمية هذا الشيء , اجعله شيء مميز بك غير الجميع , نمه وطوره واجعل مفاهيم الناس تتغير بالصحة غير الخطأ الذي اعتادوا عليه , المعاق حركيا بمجتمعنا يفهم منه انه غير قادر على فعل شيء على غير الحقيقة , يثبط و يحرم من حق العيش الهانئ سواء كان من مجتمعه او من عائلته او حتى من نفسه , المجتمع والعائلة يحتلون القدر الكبير بنفسية المريض اياً كان هذا المرض , بعائلتي تعلمت المواجهة والاصرار , تعلمت ان العقل هو الجزء المسؤول عنك , ليست قدمك او يدك او أي عضو فيك , ما دمت صحيح العقل فاجعل مستقبلك يسطح بعقلك , عائلتي جعلتني لا احتاج للتأهيل نفسيا او تعليميا , لأنها اسستني على عدم الاحتياج بصحة التعامل معي بطفولتي , احببت حياتي كثيرا لاني جعلتها ممتعه وطبيعية , خالية من كل ما يعكر صفوها , او يؤثر عليها الا ما ندر , لم يكتب لي الله العلاج المكتمل ولكن تعلمت ان اتجاوز عما لم يكتبه الله لي , والله بيده الامر كله , وصلت المرحلة الثانوية وانا على حرص على تواصل تميزي بدراستي , والحمدلله تميزت كثيرا , وانا الان بالمرحلة الاخيرة من مرحلتي الثانوية وقد كرمت على مستوى مدينتي بتميزي وها انا انتظر تكريمي الاخر بعد ايام قليلة والحمدلله , وانتظر تخرجي بفارغ الصبر كي ابدأ مرحلة جديدة مغايرة تماما لما سبق , وأملي ان اتعلم الجديد منها , وان ينيلني الله طموحي بها .


 

ختاما اقول ان ليس كل بلاء نقمة , حول البلاء لنعمة تميزك عن غيرك ثابر وستحصل , ورسالتي لكل عائلة لديها شخص ابتلاه الله بأن الله اعطاها نعمه لا تحتاج سوى حسن التعامل بعدم التدليل بالشكل الكبير وعدم الاهمال كذلك , عامله كطبيعته وستحصل عليه بطبيعته , والحمدلله على ما اعطاني الله وعلى ما سيعطيني , والحمدلله على عائلة كانت رفيقة لي منذ ولادتي وكانوا الاساس الواضح  في مستقبلي , والحمدلله على صديقاتي الذين كانوا اشبه بعائلتي بالمدرسة , و الحمدلله على معلماتي الذين كانوا جزء من تميزي , الحمد لله حمداً كثيرا طيباً على ما اوتيت وعلى ما سأعطى .


 

و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

اترك رد